الأستاذ الشيخ كما رأيته .. الشيخ عمار


الأستاذ الشيخ كما رأيته : 
كتب الشيخ عمار تيسير الشهاب

     حسرة و تسليم:
  
          ما كنت لأحسب يوما أنني سأقف من الأستاذ موقفي هذا، موقف المؤبن لأستاذه الكبير .. الكبير ، و ما كنت لأحسب أنني سأودعه بهذه السرعة القياسية ، في حال أنا للتو أحمد الله حمد الشاكرين على تماثله للشفاء الملحوظ من انحراف صحي شديد كان قد ألم به قبل عامين تقريبا فتركه نحيف الجسم ، منهد الركن ، كاسف البال ، ذابل الشفاه ، جاحظ العينين ، طريح فراش المرض بالمستشفيات بداخل البلاد و خارجها .
     بعد كل هذا الابتلاء الرباني بدأ الشيخ يتعافى ، بدأ البدن الهزيل يعود لبدانته المعتدلة ، نشط العطفان ، عادت الأريحية لسابق عهدها ، أينعت الشفاه ، صفت العينان ، و قام الشيخ يمشى على الأرض كسابق عهده بقامته المعتدلة و منظره المهيب ، هذا و قسمات وجهه تطفح بالبشر على شاطئ جبينه الأغر .
     فقلت : الحمد لله ، ألف الحمد لله على سلامته ، حقا إن نفحة الهجير لا تجفف البحر الخضم ، و الصل يبرى إذا ارتعش ، و الليث يضرى إذا انخدش .
     بعد كل هذا ما حسبت أن العهد قريب، على قاعدة الأبيات المعروفة:
و توالت لنا المسرات فيها
ما حسبنا أن الزمان يرينا


فحسبنا الزمان ما زال عيدا
بعـد إقباله علينا صدودا

     لكن شاء الذي لا مشيئة إلا به ـ جل و علا ـ و نحن مسلمون لقضاء الله ، فإنا لله و إنا إليه راجعون ، و الحمد لله حمد الشاكرين كما هو أهله على كل حال و في كل حال .  

     رأيت الأستاذ هكذا :
         
             رأيت لزاما علي ـ و بعد أن غيب التراب عنا ذلك الجسد الطاهر ـ أن أعرف الناس بما عرفته من خصال حميدة طيبة تمتعت بها هذه الشخصية المتميزة ، خصال عاينتها عن قرب ، و لمستها لمس فاحص ، لم اسمع بها ، و لكن كنت شاهد عيانها ، كيف لا ؟ و أنا الذي تلمّذت على يديه ، و نلت شرف تربيته لي ، و رافقته عشر سنين ـ و لي كل الشرف ـ .
     فتلك عشرة كاملة، قضيتها مع الشيخ الأستاذ ملؤها الدروس و العبر و السجايا العطرة التي سآتي على ذكر بعض منها مما سنحت لي الذاكرة ببيانه و تسطيره ، فبسم الله أبدأ و عليه أتوكل:

     الأستاذ و العبادة : كم كان الشيخ ( رض ) شديد الصلة بالله عز و جل ، محافظا على عبادته أيما محافظة .
     إذا ما أذن المؤذن للصلاة ، قام يسبغ وضوءه ، و هو يردد مبتسما بيت الشاعر الذي حفظناه منه :
نصلي للذي صلت قريش


و نعبده و إن جحد العموم


     كان ينزعج كثيرا و يغضب إن رأى أحد أبنائه أو تلامذته أخر الصلاة عن أول وقتها لسبب غير جدير .
     لا زلت أتذكر ذلك اليوم الذي أخذت منه فيه الحمى كل مأخذ قبل سنين ، فكان لا يستطيع النهوض بيسر ، عند صلاة المغرب و العشاء ، قام ليصلي ، أشفقت عليه فقلت له : أبا عبد الأمير .. شيخنا ! أنت الليلة مريض ، و لك العذر من ربك ، صل من جلوس هذه الليلة .
     فقال لي ، و يا لها من مقالة : أما أستحي من الله ، أن أصلي من جلوس بسبب حمى ، و هذا أبي الشيخ الهرم الكبير ، لا يصلي إلا من قيام !
     حقا .. يا لها من كلمة ملؤها التربية ، لا زالت ترن في مسمعي أبدا .
     أشهد أنه كان مواظبا على جل النوافل بعد الصلوات المفروضة ، و كان لا يتقاعس عن أدائها حتى في أسفاره . 
     قال لي يوما : عود نفسك الحفاظ على النوافل فإن في ذلك الخير الكثير في دينك و دنياك .
     عود نفسه على الصيام في شهري رجب و شعبان ، قبل صيام رمضان الواجب ، و لسنوات متواصلة ، و لا زال كذلك حتى حين أجله ( رض ) ، كان يفرح بصيامه الأشهر الثلاثة ، و يحمد الله كثيرا على هذا التوفيق الإلهي الكبير .
     لقد كان دؤوبا على قراءة القرآن الكريم بعد صلاة الصبح ، و عند وقت الظهيرة بعد الصلاة ، خاصة في شهر رمضان المبارك .
     كان يؤم المصلين في مناطق عديدة من مناطق البحرين أوقات الصلاة صباحا و ظهرا و مساءا ، قد نظم له جدولا في ذلك ، سار عليه دون كلل أو ملل ، و لطالما حثنا على أداء الصلاة جماعة ، معرفا لنا بفضلها و ثوابها ، و استمر في بعض هذه الصلوات لحوالي خمس و عشرين عاما متواصلة كما في قرية الزنج .  


     الأستاذ و الورع : للتقوى و الورع من شخصية الأستاذ " رض " نصيب كبير جدا ، لقد كان متحرجا في دينه ، بعيدا عن الشبهات غاية البعد .
     جاءت له الوكالات تأذن له باستلام الحقوق من غير واحد من مراجع التقليد الكبار " رحم الله الماضين و حفظ الباقين " ، فلم يعمل بأي منها ، و لم يعرها أي انتباه ، بل تركها مهملة غير عابئ بها في أحد أدراج مكتبته ، سألته يوما في ذلك فأجابني : إن الوقوف بين يدي الله عظيم ، و لا أريد أن أقف غدا لأسأل عن هذا ، و لن أعمل جابيا للأموال أبدا .
     كان دائما ما يردد : إن من أعظم نعم الله علي أنني لم أطعم أبنائي من مال إلا من المال العائد على من خدمة منبر سيد الشهداء الحسين بن علي " عليه السلام " .
     وقفت عليه مرات و هو يجري صيغ عقود الزواج بأكثر من لفظ ، مراعيا في ذلك ما أورده الفقهاء في هذا الباب ، كل ذك ورعا منه و تقوى و تحرزا ( رحمه الله ) .
     لا يسمح لأحد أن يغتاب أحدا بحضوره ، و كان يردع من حوله من الأفراد إن بدأ في الغيبة أو كاد .
     ما أن يجد ( رض ) فرصة سانحة في حل أم سفر ، إلا و شغل فرصة الفراغ هذه بقضاء صلوات ما في الذمة ، مع أننا كنا نعلم جيدا أن الشيخ ( رض ) لم تكن عليه فائت من الصلوات ، و لم يكن ذلك إلا من باب الحديث الشريف : ( أخوك دينك فاحتط لـه ) ، تلك الكلمة التي كـان يرددها مرارا ، و قـد حفظتها و عرفتها منه .
     لم يعرف الحقد لقلبه طريقا ، و لم يجاز الإساءة بمثلها ، لقد كان يصله أن فلانا تفوه عنك بما لا يليق و شأنك و مقامك و قال عنك كذا و كذا ، فلم يكن يرتب على هذا أي أثر يذكر ، بل كان يقول : غفر الله له .
     تجاسر بعضهم عليه و أمام الملأ في بعض الأمور و القضايا ، فصفح و عفا ، و لم يجاز إلا بالإحسان ، متمثلا الآية الكريمة : { ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه و لي حميم } ، و سائرا على خلق آل بيت النبي " ص " التي لطالما رواها و نوه بها على منابره ، في الحلم و التجاوز عن الآخرين .


     الأستاذ و سجية التواضع : من الصعب جدا أن تقبل الدنيا على المرء بما فيها من نعم و نفوذ و شهرة و جاه ، دون أن يحدث أي من هذا أثرا سلبيا في شخصيته و خلقه ، أليس كذلك ؟
     قد يجتاح الإنسان الخيلاء ، و يغزوه الكبرياء إن تحقق له قليل من هذا الكثير ، و كم رأينا آنافا طاولت السماء ، و تبخترت بالخيلاء و هي لا تملك أقل القليل من كل هذا ! 
     فما هو حال أستاذنا الشيخ ذلك الذي تربع على عرش الشهرة و النفوذ الخطابي ، و الذي أصبح و الكل يشير له بالبنان ؟ 
     لم أره يبغض شيئا كما يبغض الغرور و الزهو و الخيلاء . و لقد كان يردد مرارا على منابره ، و في مجالسه الخاصة و العامة أبيات الشاعر إيليا أبو ماضي الذامة للغرور و التكبير :
نسي الطين ساعة أنه طين
و كسى الخز جسمه فتباهى
يا أخي لا تمل بوجهك عني


حقير فطار تيها و عربد
و حوى المال كيسه فتمرد
ما أنا فحمة و لا أنت فرقد


              لقد رأيت فيه الرجل المتواضع ، المتنكر لذاته ، لم أسمعه يوما يقول أنا ، إذا ما امتدح حينا أحد محبيه و معجبيه ، و ما أكثرهم ، و ما أكثر هذه الأحيان التي كانت تحدث كثير منها بحضوري ، إذا ما مدح خطابته و بيانه الساحر و طرائقه المشجية المتفردة ــ و التي أعجب بها كل مرتادي منبره من أهل البحرين و غيرهم من دول الخليج الآخرى ــ تراه يقابل هذا المديح بابتسامة مشرقة على استحياء أو ضحكة خفيفة خجلة ، ثم يطأطئ برأسه إلى اللأرض محوقلا .
     رأيته و هو خطيب الدرجة الأولى بين خطباء المنبر، يحضر منابر تلامذته من الخطباء ، و غيرهم ، مستمعا مصغيا ، و ربما جلس على الأرض خارج الحسينية في الجو الحار ، رغم الإلحاح الكبير من إداريي الحسينية عليه بالدخول لأفضل مكان داخل الحسينية ، كل ذلك كان تواضعا منه ، و نكرانا للذات ، و تهذيبا للنفس .
     إذا ما دعي من قبل أي أحد تراه يلبي و برحابة صدر تكاد تذهلني أحيانا ، لا يفرق بين غني و فقير و دني و شريف ، فالناس كلهم لآدم و آدم من تراب ، كما علمنا ديننا القويم ، و أهل البيت الطاهر " ع " . 
     تمتع الأستاذ ( رض ) بأريحية ليس لها نظير ، في معاملاته الاجتماعية و السلوكية ، لا يحب الأضواء ، و لم تغره الشهرة أبدا ، و ما أهمته الصفوف الأولى يوما ، يمشي متبضعا دون استعلاء ، يبتاع حاجياته بنفسه يضاحك هذا و يمازح ذاك ، يلاطف الشيخ و الند ، و يداعب الطفل الصغير .
     تكتشف أريحيته الطاغية و عفويته المنسابة من خلال مظهره في كثـير من الأحـيان، حينما يسـمح لـرأسه أن يتحرر مـن عبئ العـمامة ، ليسـتبدلها بالشـماغ ( الغترة ) حيث يضعها بتلك الهيئة الشعبية المتواضعة ، ليبدو في الناس كأحدهم ، و كأنه يذلك يريد أن يلفت لمقالة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( ع ) : " المرء تحت طي لسانه لا تحت طيلسانه " .
     كنت معه يوما في سيارته ، و كان يجلس ( رض ) خلف مقود سيارته سائقا لها ، يحدثني و أحادثه ، بينا نحن كذلك ، و إذا به يوقف السيارة جانبا ليستقل صبيا في حدود الثالثة عشر من عمره تقريبا ، كان قد رآه يحمل سطلا  و كان الصبي يتصبب عرقا لشدة الحرارة ، و كان الوقت ظهرا ، سأله بكل حنو و شفقه أين تريد يا ولدي ؟ قال الصبي : أريد السوق المركزي بالمنامة حيث أقوم بعمل غسل السيارات لمساعدة عائلتي !
     رق له الشيخ الأستاذ ، و أخذ يسأله عن عائلته و عن والده ، و من ينفق عليهم ، ثم أخذ يسرد أحاديث النبي و أهل البيت ( ع ) في أهمية العمل و شرفه ، كما حث الصبي على الاهتمام بالدراسة و العلم من دون إهمال ، و ما أن أوصله حيث يريد ، حتى قدم له شيئا من المال كتشجيع و مساعدة له .
     ودعه الصبي شاكرا و ذهب ، و بدأ الشيخ يخاطبني متذمرا من هذا الوضع المعيشي المزري ، و الذي يضطر فيه من هم في هذا السن الصغير من الصبية للعمل و مساعدة عوائلهم ، في حين أن المفترض بهم أن يساعَدوا و أن يوفر لهم الوقت الكافي للاهتمام بالدراسة ليس إلا .
     و من مشاهد أريحيته و تواضعه أنه مر يوما بصبية يحملون بعض الأخشاب و المسامير ، يريدون صناعة كرسي صغير ، فلم يكن منه إلا أن جلس معهم مبادرا ، يعلمهم الطريقة الصحيحة في صناعة الكرسي ، و هم ينظرون للأستاذ الوقور مشدوهين بذلك الشيخ الذي لم تمنعه عمامته و لا زيه الديني من مشاركتهم لعبهم و التصابي لهم .


     الأستاذ و أهل البيت " ع " : عرفته  مـتفانيا في حب النبي و الزهـراء و الأئمة الطاهرين " صلوات الله و سلامة عليهم " ، جسورا في الذب و الدفاع عنهم ، شديدا على أعداء الله و على النواصب الذين بعثروا الآل " ع " عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها . و له في الدفاع عن ظلامة الصديقة الكبرى ألف شأن و شأن ، فهو الذائب فيها حتى الثمالة ، و المجاهر بما جرى عليها حتى الاستماتة ، غضوب مكفهر إذا ذكر أعداؤها و غاصبوها حقها .
     لم يكن يستشهد و لا يمثل في حياته إلا بمواقف الآل " عليهم السلام " ، كان يستلهم الدروس و العبر من مواقفهم في كل مناسبة و في أي ظرف .
     لطالما سمعته يكرر هذه العبارة الولائية : " من أنا ، و من أكون لولا الحسين بن علي ( ع ) ، لولاه ( ع ) لما كنت شيئا مذكورا " .
     يستميت ( رض ) في بيان أدلـة إمامة الإمام أمـير المؤمنين علي بـن أبي طالب ( ع ) ، و التنويه بمصادرة حقه من الخلافة و جحد حديث الغدير الجلي ، و يصر على أن كل ضيم أصاب و يصيب الأمة الإسلامية بل كل البشرية جمعاء إنما هو نتيجة حتمية لمصادرة ذلك الحق الإلهي لمقام الإمام علي ( ع ) .
     تعلق بعلي ( ع ) أيما تعلق ، و أحبه بلا حدود ، يلهج باسمه كل ساعة ، كنت أصغي له ( رض ) يترنم منتشيا بجملة من الأبيات الشعرية في مدح المولى أمير المؤمنين ( ع ) منها :
إذا مت فادفني إلى جنب حيدر
فتى لا يهاب النار من كل جاره
عار على حامي الحمى و هو في الحمى


أبي شبر أكرم به و شبير
و لا يختشي من منكر و نكير
إذا ظل في البيدا عقال بعير

       و منها أيضا :
علي الدر و الذهب المصفى


و باقي الناس كلهم تراب

     و كثيرا ما كان لأبيات رابعة العدوية في مدح علي بن أبي طالب ( ع ) نصيبا من لثم مقوله المبارك ( رض ) :
أبا حسن سيدي أنت ، أنت
و أنت جعلت قريشا عبيد
أراك المقدم في النائبات
و لكنهم أخروا حظهم


صراط المهيمن لو أنصفوك
و لولا حسامك صاروا ملوك
و عند الخلافة لم أخروك ؟
و لو قدموا حظهم قدموك

     أما قصيدته المحببة في بيان فضائل مولى الموحدين أمير المؤمنين ( ع ) ، فهي رائعة المرحوم السيد رضا الهندي الشهيرة و التي منها هذا المقطع الذي كان يطرب له ( رض ) :
يا من قد أنكر من آيا
إن كنت لجهلك بالأيا
فاسأل بدرا و اسأل أحدا
من دبر فيها الأمر و من
من هد حصون الشرك و من
من قدمه طه و على
قاسوك أبا حسن بسوا
أنى ساووك بمن ناوو
من غيرك يدعى للحر


ت أبي حسن ما لا ينكر
م جحدت مقام أبي شبر
و سل الأحزاب و سل خيبر
أردى الأبطال و من دمر
شاد الإسلام و من عمر
أهل الإيمان له أمر
ك و هل بالطود يقاس الذر
ك و هل ساووا نعلي قنبر
ب و للمحراب و للمنبر

    
     و ما زال يلـهج باسـم علـي بن أبي طالب ( ع ) طـوال عمره المبارك ( رض ) ، إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة معطرة بشذى ذكر الإمام علي ( عليه السلام ) مما دل على مسك الختام في عاقبته الحسنة الخيرة .
     إن آخر الكلمات التي رددها الأستاذ الشيخ و هو يودع الدنيا بعد نطقه الواضح الشهادتين ، كانت : يا علي .. يا علي .. يا علي .. . 


     الأستاذ بين السعي في قضاء الحوائج و صلاح ذات البين : عملان خيران قد احتلا جزءا كبيرا جدا من حياة الأستاذ ( رض ) ، و كانا من أحب الأعمال له ، يسعى ذائبا في قضاء حاجات الإخوان و الإصلاح بينهم في عفوية فياضة و من دون أدنى تعقيد أو جمود .
     هو الذي ما فتئ يحث مستمعيه من على منابره على هذين العملين الخيرين ، نعم لطالما سمعته في خطبه و مجالسه و منابره يحث على قضاء حوائج الإخوان من المؤمنين حثا ملحوظا ، لم يكتف في ذلك باللسان فقط ، بل كان مثلا يحتدى في هذا المضمار ، فكم له من وساطة و سعي في تشغيل هذا ، و تزويج ذلك ، و معونة ذاك ، و كم أخرج من أمواله لمعونة المحتاجين و إغاثة الملهوفين ، من غير أن يصرح بهذا ، فله من أعمال الخير ما لا يعلمه أقرب المقربين له من أهل بيته و أبنائه و تلامذته .
     كان يعطي و يساعد و يتوسط لدى المسؤولين لكل من يقصده محتاجا ، كان يصنع كل ذلك في السر ، من دون أن يقول فعلت لفلان ، أو توسطت لفلان ، على طريقة الكثيرين ممن يحسبون أنهم يحسنون صنعا .
     لقد أنفق ماء وجهه ، و لكن لغيره ، لا له ، و هذا أعظم ما يميز المرء النبيل ، وظف نفوذه و جاهه بين المسؤولين في الوزارات و التجار و الملأ من مريديه و من مريدي مريديه في إعانة المحتاجين و المعوزين و من ضاقت بهم سبل العيش الكريم ، فأغاث و تفضل و أعان ( رض ) في غير منة أو انتظار جميل ، فالعمل كان لله ، و الأجر لا ينتظره الوالد الأستاذ إلا من الله عز و جل .
     أما إصلاح ذات البين ، فلنا من الشواهد عليه في حياة الأستاذ ( رحمه الله ) ما يفوق الحصر .
     إذا ما دب خلاف بين اثنين ، تراه ( رض ) يسرع مبادرا لقطع هذا الخلاف و تقريب وجهات النظر بينهما .
     كان له دور كبير في الإصلاح بين أصحاب و إداريي حسينيات و مآتم بعض القرى في البلاد و جماعاتهم نتيجة ما يجري بينهم من سوء فهم حول تفصيلات بعض الأمور الإدارية المعروفة .
     و كم أصلح بين زوج و زوجه بكل حنكة و حكمة منه ( رض ) ، لولا لطف الله و لولاه ( رض ) ، لكان الطلاق هو النهاية لا محالة .
     و لقد كان عنده من النصح الصادق و المشورة السديدة ما لا ينكره من خالطه و عرفه ( رحمة الله عليه ) .
           إذا ما ألمت بنا مشكلة شخصية أو رزية نحن تلامذته و ولده أسرعنا لها متهافتين ، كتهافت الفراش على النور ، فنجد عنده المرهم الشافي لما نحن فيه و التخفيف و النصيحة الصادقة ، و التي بينت لنا مدى ما لديه من وافر حكمة في كثير من المواقف . 

     الأستاذ و الحيوية و النشاط :  ما عرفته الشيخوخة و لا عرفها ، فلم يؤمن بها يوما ، فهو النشط الحيوي الأريحي دائم الحركة ، ينجز جل حوائجه بنفسه دون معونة من أحد ، حمل سنيه التي ذرفت على الستين من دون أن ترهقه ، بل هو الذي أرهقها و ذللها كما يريد هو لا كما أرادت هي .
     كون نفسه بنفسه ، نشأ عصاميا بكل معنى الكلمة ، لا يتكل على أحد غير الله جل و علا ، و كفى بالله وكيلا .
     حمل من العزم ما غالب به الظروف القاسية و ما غلبته ، و قهرها و ما قهرته ، تمرد على الفقر المذقع ، و الجهل المطبق ، و الروتين البغيض ، و العرف السفيه ، و ساق إلى النجف ظعينته ، و حمل على اسم الله عائلته و أمتعته ، ليعود بعد عشر ، عالما جليلا ، و خطيبا مفوها ، و يتسنم منصبه اللائق به ، ليكون الخطيب العلامة الشيخ أحمد مال الله ، ذلك الاسم اللامع ، و النجم المتألق في سماء منابر البحرين و الخليج . 
     حتى آخر أيام عمره ( رض ) كان يستحضر المطالب الفقهية و المنطقية الأصولية و يناقشها ، و كان يحفظ القصائد و الأبيات و الشواهد المنبرية و اللطائف ، مكذبا بذلك دعوى أن الذاكرة تضمر كلما تقدم العمر بالإنسان .
     بل ربما كنت أتسابق معه في حفظ أبيات معينة من ديوان الجمرات الودية ، فكنت أفاجأ بأنه ( رض ) قد سبقني بحفظها و إلقائها على المنبر ، فكان يداعبني و يقول لي ضاحكا : حفظتها قبلك !
     كان يتابع إصدارات المكتبات الجديدة من كتب المستبصرين و المتشيعين ، و يقرأ هذه الكتابات قراءة فاحص محلل دارس .  
     لم يترك القراءة و المطالعة أبدا ، حتى لما كان المرض يجتاح عينيه ، لم يترك المطالعة ، مع أن الأطباء حذروه من تأثير القراءة السلبي على نظره ، ظل يقرأ و يطالع و يبحث ، كنا نقول له في ذلك ، فيجيب : لا أستطيع إلا أن أقرأ و أطالع .
     لقد أحب الأستاذ الشيخ كتاب البحار للمجلسي ، و كتاب الغدير للعلامة الأميني حبا لا حدود له ، يقرأ فيهما متأملا متفكرا ، و يرشدنا دائما لأهمية هذين الكتابين الجليلين .
     حتى آخر يوم في حياته ، يوم الجمعة ، كان يقرأ في بعض أجزاء كتاب الغدير .
     لقد رافق كتاب الغدير حتى أخر يوم في عمره ، و رافق ذكر بطل الغدير علي ( ع ) حتى آخر نفس من أنفاسه ، فهنيئا لك أيها الوالد الأستاذ .


     الأستاذ و الخطابة و المشروع الخطابي : عاش الخطابة و لم يتعيش بها ، لم تغره الأموال و الأرصدة ، أخلص غاية ما يكون الإخلاص في نشر فضائل أهل البيت و تبيان عظمة شخصياتهم المناقبية ، و جد و اجتهد في إعلان فداحة الظلم الذي جرى عليهم ، و حاكم تاريخ أعدائهم محاكمة من سبر التاريخ و أبحر متعمقا في غور قاعه .
     المنبر في فهمه ( رض ) وفكره قبل أن يكون ممارسة خطابية ، هو التزام و خلق و صدق و كلمة شرف ، و هذا ما علم أبناءه و تلامذته إياه قولا و سلوكا .
     لقد كان يحرص على أن لا يرد أحدا كائنا من كان ، قصده ليرقى المنبر لديه ، بقدر ما تسنح له الظروف ، و كان يأمرنا بأن لا نرد أحدا قصدنا لأداء الخدمة الحسينية عنده إلا لسبب وجيه .
     يجتهد في مغالبة الوقت أن يكون متواجدا في المجلس الذي يؤدي فيه الخدمة الحسينية قبل موعد رقي المنبر بربع ساعة تقريبا ، و كان يقول لنا إن ذلك يعزز ثقة أهل المجلس و الجمهور بالخطيب ، و يهيئ للخطيب أو المحاضر جوا نفسيا ملائما للأداء و الإلقاء على المنبر.
     ينصحنا ( رض ) دائما بالتركيز على جانب المأساة و المصيبة من المنبر ، و يؤكد على أهمية المرثية في تأجيج العاطفة تجاه أهل البيت ( ع ) ، و كان يرى أن الرثاء و الإنشاد بالرقة ( باللحن الحزين الرقيق ) هو أهل شرعة المنبر الحسيني .
     أكد لنا كثيرا على أمانة النقل على المنبر ، و أن نحرص على التثبت من الروايات و الأسماء و الوقائع التاريخية ، و إلا لكان ذلك من خيانة الكلمة و الكذب ، و بالتالي يكون الوقوع في المحذور .
     يهمه كثيرا أن لا ينقل من على المنبر إلا ما يتلاءم و عقول المستمعين و ثقافتهم و حـالاتهم النفسية ، و لطالما استهد في هذا المضمار بالقـول الوارد عن رسول الله ( ص ) : " أمرنا معاشر الأنبياء أن نكلم الناس على قدر عقولهم " ، كما كان يستشهد بهذا الحديث : " إياك و ما يسبق إلى القلوب إنكاره ، وإن كان عندك اعتذاره " .
        
     قال لنا غير مرة ( رض ) إياكم و الزهو و الغرور على المنبر ، فإن ذلك آفة الخطيب ، و منه يكون منقلبه ، إعلموا و أنتم تحققون نجاحكم في عملكم الخطابي الحسيني ، أن ذلك النجاح هو مـن تـوفيق الله عز وجل و من بركات الإمام سيد الشهداء ( عليه السلام ) .
     مع ما تميز به من قدرات خطابية هائلة ، يشهد لها الجميع ، من صوت شجي رقيق ، و طرائق متفردة جذابة مبكية ، و قدرة على الارتجال ، و قوة حفظ و بيان ، و منظر مهيب ملائم ، فإن كل هذه النعم ما زادته ( رض ) إلا تواضعا و إخلاصا و نبلا ، و تمردا على الذات ، و شكرا خالصا لله تبارك و تعالى على جزيل نعمه .
     له علاقة خاصة بمستمعيه و جمهوره ، لم تكن العلاقة بينهما علاقة الملقي و المتلقي حال الخطاب و كفى ـ على طريقة بعض الخطباء ـ بل كانت أكبر من هذا بكثير .
     إذا ما حفت به الجماهير مزدحمة بعد المنبر ، يسلمون عليه و يتبركون بلثم جبينه و تقبيل يده ، تراه يستقبلهم بابتسامة رقراقة ، و يضمهم إلى صدره الدافئ الحنون ، يمازح هذا و يضاحك ذلك في دون إخلال أو باطل ، يتفقدهم و يسأل عن أحوالهم وأمورهم و قضاياهم ، سؤال مهتم ، مستعد لتقديم المشورة و العون قدر ما يستطيع .
     و من طريق الخطابة و المنبر أستطيع أن أقول : أن الأستاذ الشيخ ( رضوان الله عليه ) كان يمثل "طرازا فريدا في تكوين العلائق الاجتماعية الوثيقة بين الناس باختلاف طبقاتهم ، فله صداقات و أبوات و علاقات و صلات مع الشيخ الهرم و الكبير و الشباب و الصغار ، و كان متفقدا لهم جميعا دائم السؤال عن أحوالهم في كل حين ، و امتدت علائقة الاجتماعية لخارج البلاد ، فله في كل أسبوع اتصال دافئ ، و في كل شهر زيارة ودية من عمان و قطر و الإحساء و القطيف و غيرها من الأماكن .

     بهذا أحبته القلوب ، و هامت بوده الألوف ، لأن قلبه الطاهر ( رض ) كان يسعهم جميعا بكل عفوية و صدق .   
        
     ما نظر لزملائه من الخطباء بعين الصغار ـ على قاعدة : عدو المرء من يعمل عمله ـ لا ، بل فتح قلبه للجميع ، و يهمه حال الكل . 
     رأيته يخرج من أمواله الخاصة لإعانة من تضرر أو مرض أو فاتته الخدمة من إخوته و أبنائه و تلامذته  خطباء المنبر الحسيني ، و يحث بعض تلامذته على ذلك ، و لقد كان يحرص في المجلس الذي يقيمه كل عام بعد عشرة محرم الأولى ، لينصب مأتمه على الحسين ( ع ) في العشرة الثانية أن يكون خطيب مجلسه من الخطباء الذين لم يحضوا بالخدمة في العشرة الأولى لمرض أو نحوه ، كل هذا استشعارا منه ( رض ) لمواساة من حوله و التخفيف من معاناتهم طمعا في وجه الله تعالى ، و شفاعة أبي عبد الله الحسين ( ع ) .
        هذا و قد ارتحل إلى الله و هو يمضي حثيثا في مشروع إيجاد رابطة و تجمع يستظل الخطباء الحسينيون في البلاد بظلاله ، حيث يكفل لهم الحماية و الدعم المادي و المعنوي ، و قد أراده مستقلا عن أي جهة رسمية ، و كان يصر على هذا قائلا : ( بدأ المنبر حرا  مستقلا و لا بد و أن يستمر كذلك حتى النهاية ) ، و إن دل هذا على شيء فإنما يدل على حكمته و النظرة البعـيدة الثاقبة في فكره " رض " ، و كان آخر اجتماع له في سبيل إنهاض هذا المشروع ، كان يوم الخميس الذي جاء وراءه السبت المفجع ، و الذي عرجت فيه روحه الطاهرة إلى بارئها .
     و قد كان يخطط لفكرة مشروع هكذا قبل سنوات من رحيله ( رحمه الله ) ، و كان قد أخبرني شخصيا عن هذه النية في حوار جرى بيني و بينيه قبل مدة ، و كنت قد سجلت هذا الحوار على شريط كاسيت ، أحتفظ بـه و أعتز بهذا التسجيل أيما اعتزاز .
     رحل الوالد الأستاذ لله و هو في خدمة المنبر الحسيني ، و خدام المنبر الحسيني ، فجزاه الله عنا خير الجزاء . 


     ليلة مرهقة و نبأ مشؤوم :  ليلة السبت ، تلك الليلة المرهقة ، ما أن أسدلت سوادها علي و على كل من حولها ، حتى أحسست بالاختناق منها ، و بدأت أرقب الصبح بشمسه الوهاجة لتنقذني من هذه الوحشة التي لا أعلم سببها .
     آويت إلى الفراش متأخرا جدا ، علني أحظى بقسط من النوم يسرقني من وحشتي .
     و لكن أنى ! أخذت أتقلب على الفراش و كأن جبال الدنيا كلها بكل ما لها من ثقل تجثم على صدري ، تعجبت مما أنا فيه من حال ! لماذا أنا في هذه الحالة ؟ ما مرت بحالة هكذا ، و ليلة مثل هذه ، إلا ليلة مات والدي ( رحمه الله ) .
     بعد مضي الساعات من التقلب و التوجس ، رق لحالي النوم ليعطيني منه مقدارا بسيطا ، لأستقبل بعدها النبأ المشؤوم مع أذان الفجر : " عمار .. قم .. قم ، فلقد مات أستاذك و والدك ! قم .. لقد أيتمت مرة أخرى ، انهض .. لن ترى وجها لطالما لثمت جبينه ، لن تراه إلا مرة واحدة ، ستراه مطروحا على صخرة المغتسل قبل أن يدرج في أكفانه ، و لا لقاء بعدها ، مات شيخك ! مات أستاذك ! مات والدك الشيخ أحمد مال الله !!
     مات !! هكذا ، و بهذه السرعة ! لم ؟ كيف ؟ من ؟ متأكد ؟ من أخبرك ؟ لعله غيره ؟ تمزح ؟
     عشرات الاستفسارات و التساؤلات تخرج مني في نفس واحد متقطع متلجلج ، لا أدري ما الذي أصنع ؟ و بم أتفوه ؟
     نعم .. لم أصدق أنه رحل ، إلا لما نظرته في ثوبه الأبيض على مغتسله ، تفوح منه رائحة الكافور ، و التي بدورها علقت بملابسي ، تماما كالذكريات  الحلوة التي تعلقت في ذاكرتي لعشر سنين خلت أمضيتها مع هذا الطود المسجى أمامي .
     دارت عجلة الزمن في مخيلتي ، و أخذتني بالذكريات بعيدا عن المغتسل و الصراخ و العويل و الأموات .
     أخذتني بعيدا جدا حيث اللقاء الأول بالأستاذ و هو يسألني عن اسمي و عائلتي  ، و في أي فصل دراسي أنا ، و أنا أجيب على أسئلته على استحياء قد أخذتني هيبته .
     و أخذتني لأتذكر يوم جاء الشيخ الأستاذ ليصطحبني معه بسيارته بكل تواضع لبيته ، و ما أن دخلت بيته قال لي : " نزال فنجلس ، أعرب الجملة "  فاحمر وجهي و ارتج علي ، فاحتوى الموقف بدعابة رقراقة ثم أعربها لي .
     و تذكرت تربيته لي و تهذيبه إياي و تقويمه لسلوكياتي ، و ربما كنت أتذمر أحيانا فمتطلبات الشبيبة و نوازع المراهقة ما زالت تنازعني للتحرر من كل ما أراه ثقيلا متعبا رتيبا ، فكان يقول لي صارما : " ستصنع كلما يطلب منك ، و لا مناص لك ، أبوك قال لي : خذه لحما و نريده عظما " .
     و لم أكن أفهم آنذاك أنه بنصحه لي ، و أوامره و صرامته أحيانا ،  سيصنعني إنسانا ، متقوم الشخصية ، معد لمستقبل أيامه .
     و تذكرت كلمته القاسية اللينة التي يعبر من خلالها عن غضبه علي إذا ما صنعت أمرا لا يرتضيه : " عمار ! عاد ألحين بعطيك خد على هاللطمه " .
     الله ،، كم كنت أحب أن اسمع منه هذه الكلمة الدارجة المعبرة عن الحزم و الخلق الكريم معا لديه ( رض ) .
     ألن أسمعها منه مرة أخرى ؟ !! 
     جالت بي الذكريات و الخواطر مع أفضال و أتعاب هذا الأستاذ العبقري علي و معي .
     آه .. آه .. أيام مضت ، إنها أجمل أيام حياتي ، و لن تعوض أبدا .
     أرجعتني الصرخات في المغتسل لحديث الموت مرة أخرى ، لأرى الأستاذ العبقري و الخطيب الألمعي مسجى دون حراك .
     ذلك الحيوي الذي لم يعرف السكون يوما ، ها هو ساكن بلا حراك . . ودعته بنظرات ملؤها الدموع و الحسرات و الألم ، و خرجت من عنده ، و لكن أدرجت قلبي معه في أكفانه ليدفن معه في قبره .
     و حمل السرير و شيعته الألوف مرفوعا على القلوب لا الأكتاف ، و ووري الثرى ليحصد ما زرع ، و يجني ما بذر ، فهنيئا لك يوم الحصاد أبا عبد الأمير .. يا أروع كنية نطق بها لساني ، و يا خضرنا الذي صاحبناه ليجعلنا قريبين من الله و رسوله و آله ( عليهم الصلاة و السلام ) ، و الذي استطعنا معه كل صبر ، و لن نستطيع بعده صبرا .  
     يا سبب حياتي الباقية ، يا من تأثرت به أيما تأثر ، يا من علمتني من هم آل محمد ( ص ) .
     نم هانئا في جوار علي و الحسين ( عليهما السلام ) ، و استبشر سيدي ! ببيعك الذي بايعت به .
     كن شفيعا لنا ، كما كنت مربيا و معلما و أستاذا عبقريا صادقا مخلصا .

  
     ختام و اعتذار: عفوا و سماحا والدي و أستاذي أبا عبد الأمير ، إن قلمي في خجل أن يطرق أعتابك ، فأنى للحصاة أن تصف الجبل في ارتفاعه و علوه ؟ و أنى للقطرة أن تتحدث عن عمق المحيط و غوره ؟  و كيف للعصفور أن يجابه الباشق الضخم ؟
    و لكن الذي جرأني على ذلك ، أنني أراني قطعة منك ، و امتداد طبيعي لك ، و حسبي بـذلك زهوا و فخرا و شرفـا إلى أن ألقاك عند حـوض رسول الله محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، و أنت تسقى و تسقي .


                                    ولدك و تلميذك : عمار تيسير مجيد الشهاب