الثلاثاء، 8 أبريل 2014

المؤمن مرآة المؤمن

(المؤمن مرآة المؤمن)
الكلام حول هذا النص يتلخص في نقطتين:
النقطة الأولى:
1.   إن المرآة تريك عيبك كاملا ولاتخفي عليك شيئا، كذلك المؤمن يريك عيبك كاملا ولا يُخفي عليك شيئا.

2.   المرآة تريك عيبك من دون أن تخدش مشاعرك، كذلك المؤمن يريك عيبك من دون أن يجرح كرامتك من دون أن يخدش مشاعرك.
3.   المرآة تريك عيبك وإذا ابتعدت عنها تستر عليك فلو جاء آخر لايرى عيبك إنما يرى عيبه، كذلك المؤمن يريك عيبك مادمت معه وإذا ابتعدت عنه لا يفضحك ولا يشهّر بك.
4.   المرآة حتى وإن كسرتها فما يبقى منها - إن كان قطعا  صغيرة - يفي بالغرض، وكذلك المؤمن حتى ولو آذيته وكسرت خاطره يبقى يحافظ على مشاعرك وحرمتك.
5.   المرآة صريحة معك في إراءتك عيبك فليس عندها نفاق ولا لف ودوران، وكذلك المؤمن صريحٌ مع إخوانه.
6.   المرآة لها وجه واحد، كذلك المؤمن لا تتعدد وجوهه، فتلك من علامات المنافقين.
هذه الوجوه وغيرها لعلها هي التي دعت النبي (ص) بأن يشبّه المؤمن بالمرآة، وهذا تمام الكلام في النقطة الأولى من الحديث.
النقطة الثانية: المؤمن المرآتي هو ذلك المؤمن الذي ينجح في الامتحان، وهذا الامتحان ينقسم إلى قسمين: روحي وعملي.
الروحي: بأن تعرض الإنسان على قلبك فإن قبله قلبك فقد نجح في الامتحان الأول، لأن هناك البعض من الناس بمجرد أن تراه تألفه وترتاح إليه وهناك البعض من الناس تعيش معه وتأكل وتشرب معه ولكن نفسك لا تألفه، وهذه حقيقة قائمة وإن كان العقل لم يصل إلى فلسفتها بعد، الله تعالى يقول (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ)(سورة المدثر)، يقول الرسول (ص) (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وماتناكر منها اختلف) مستدرك سفينة البحار ج2ص107 ويقول الإمام الباقر(ع) لما احتضر أمير المؤمنين(ع) جمع بنيه.. إلى أن قال (يابني إن القلوب جنود مجندة، تتلاحظ بالمودة وتتناجى بها وكذلك في البغض، فإذا أحببتم الرجل من غير خير سبة منه إليكم فارجوه، وإذا أبغضتم الرجل من غير سوء سبق إليكم منه فاحذروه) نفس المصدر ج 1ص 379
فإذا اجتاز هذخ المرحلة من الامتحان أقدم له الامتحان الثاني العملي، وهذا الامتحان له ثلاث خطوات:
الأولى: اختبره عند الحاجة إليه.
الثانية: اختبره عند الغضب.
الثالثة: اختبره في الأسفار.
الأولى: حاول أن تطلب منه شيئا هو يستطيع تلبيته فإن امتنع وهو يراك بحاجة إلى ذلك فلا خير فيه، وقد هزتني كلمة للمحق الأردبيلي وجدتها في كتاب الجواهر قال فيها: (عدم بذل الجهد في قضاء حاجة المؤمن مما
يقتضي القدح في العدالة) جواهر الكلام ج1 ص 58
ولكن للأسف الشديد نرى في مجتمعنا تتفشى ظاهرة وهي أن إخوان الأخذ كثيرون وإخوان العطاء قلة.
أذكر لك هذه الرواية، عن رجل من حلوان قال: كنت أطوف بالبيت، فأتاني رجل من أصحابنا فسألني قرض دينارين، وكنت قد طفت خمسة أشواط، فقلت له: أتِم أسبوعي ثم أخرج، فلما دخلت في السادس اعتمد علي أبو عبد الله (عليه السلام)، ووضع يده على منكبي، قال: فأتممت سبعي ودخلت في الآخر لاعتماد أبي عبد الله عليه السلام علي، فكنت كلما جئت إلى الركن أومأ إلي الرجل، فقال أبو عبد الله عليه السلام: من كان هذا يؤمي إليك؟
قلت: جعلت فداك هذا رجلٌ من مواليك، سألني قرض دينارين، قلت: أتمّ أسبوعِي وأخرج إليك، قال: فدفعني أبو عبد الله (عليه السلام) وقال: اذهب فأعطهما إياه، فظننت أنه قال: فأعطهما إياه لقولي قد أنعمت له، فلما كان من الغد دخلت عليه وعنده عدة من أصحابنا يحدثهم، فلما رآني قطع الحديث وقال: لإن أمشي مع أخٍ لي في حاجة حتى أقضي له أَحبّ إلي من أن أعتق ألف نسمة، وأحمل على ألف فرس في سبيل الله مسرجة ملجمة.
المصدر: مستدر الوسائل 2/152
الثانية: حاول أن تغضبه بحق بمعنى أنك إذا رأيته قد ارتكب خطأ حاول توجيهه حتى إذا توقعت منه الغضب فإذا غضب فاتركه وإذا لم يغضب فأغضبه إلى ثلاث فإن لم يغضب فاتخذه لك أخًا حميما،
وهذه الحالة لاينبغي أن تستمر لأنّها مجرد حالة امتحانية.
وقد كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا أغضبه أحد قال: (اللهم إن كان صادقا فاغفر لي، وإن كان كاذبا فاغفر له).
المصدر:الصحيفة السجادية (ابطحي)- الإمام زين العابدين (ع) ص 96
فهناك البعض من الناس يغضب لأتفه الأشياء فهذا من الصعب أن تجعله الصديق الذي تعتمد عليه وتجعله مكملا لك والظهر الذي تستند إليه.
الثالثة: اختبره في الأسفار، فكما يقال أن السفر سمي بذلك لأنه يسفر عن حقائق الرجال
وهذه ثمرة من ثمرات الأسفار.
وفي الشعر المنسوب الى الإمام علي (ع)
تغرب عن الأوطان في طلب العلا   وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشة   وعلم وآداب وصحبة ماجد
 هذه بعض الاختبارات وهناك غيرها وأنت خبير يا أخي العزيز.

والحمد لله رب العالمين

3 التعليقات:

إرسال تعليق