((قال ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة : سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن زيد فقلت له : إني لاعجب من علي عليه السلام كيف بقي تلك المدة الطويلة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ ! وكيف ما اغتيل وفتك به في جوف منزله مع تلظي الأكباد عليه ؟ ! فقال : لولا أنه أرغم أنفه بالتراب، ووضع خده في حضيض الأرض ، لقتل ، ولكنه أخمل نفسه ، واشتغل بالعبادة والصلاة والنظر في القرآن ، وخرج عن ذلك الزي الأول وذلك الشعار ، ونسي السيف ، وصار كالفاتك يتوب ويصير سائحا في الأرض أو راهبا في الجبال ، فلما أطاع القوم الذين ولوا الامر وصار أذل لهم من الحذاء ، تركوه وسكتوا عنه ، ولم تكن العرب لتقدم عليه إلا بمواطأة من متولي الامر ، وباطن في السر منه ، فلما لم يكن لولاة الامر باعث وداع إلى قتله وقع الامساك عنه ، لولا ذلك لقتل ، ثم الاجل بعد معقل حصين))
بحار الأنوار - المجلسي - ج 29 - ص 138 –الرد على هذه القطعة:
((..فلما أطاع القوم الذين ولوا الامر وصار أذل لهم من الحذاء..))
أولا: هذه الكلمة ليست للشيعة وليست للمجلسي، وليست حتى لابن أبي الحديد.
إنها للنقيب أبي جعفر يحيى بن زيد الذي كان يتناظر مع ابن أبي الحديد.
ثانيا: هذه تعابير تستخدم لمعاني متعددة تعرف هذه المعاني بالقرائن الحالية والمقامية، فمثلا يكنى أمير المؤمنين (ع) بأبي تراب، البعض يكنيه بهذه الكنية تشفيا وتحقيرا، بينما علي نفسه يقول هي أحب الكنى له فهي تذكره بالتراب الذي يؤول إليه الإنسان، ولقد جاء وفد لمعاوية - كما ذكر ابن عساكر في تاريخه، فتحدث أحدهم وهو عفير بن زرعة بن عامر بن سيف فقال:((أما والله يا معاوية إنا لنراك تكظم الغيظ من غيرنا على القول الفظيع الكثير وتستفظع منا اليسير يريد ما يسمع من قريش وذلك والله أنا لم نطعن عليك في أمرك...)) إلى أن قال:((فقال يا معاوية أنصفنا من أنفسك وآس بيننا وبين قومك وإلا تغلغلت بناديهم الصفاح...حتى ندعك أصوع من الرداء وأذل من الحذاء..))
ثالثا يا إخوان: إن الله سبحانه عود أولياءه على شتى صنوف الابتلاء وسطوة الجبابرة والظالمين في كل الأزمان بل قد يكون الابتلاء من الله سبحانه.. فهاهو نبي الله أيوب (عليه السلام) بعد 70 عاماء من العز والكمال والمال، يرمى سبع سنين في كناسة بني إسرائيل تختلف الدواب عليه، - كما يقول ابن كثير في تفسيره العظيم - جاء له أخواه فلم يستطيعا تحمل ريحه فقاما وابتعدا عنه! فهل هناك ذل أشد من هذا يا إخوان، هذا الأمر لا يقلل من شأنه بل يقربه من الله سبحانه لتحمله البلاء.
ثم أن العبارة عندما تقول: (صار أذل لهم من الحذاء) معناه أنهم هم الذين صيروه إلى هذا الحال.
وعليه فإن الذي يجب أن يحاسبهم من صيره إلى هذا الحال وليس من وصف الحال أو نقله.
يعني يا حويطي : لو أني سلخت جلدك وسوين منه نباطية فأنت لا تحاسب ولا يحاسب الذي ينقل الحادثه بل الذي يحاسب هو الذي سلخ جلدك في هذا الجواب.
0 التعليقات:
إرسال تعليق