السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى: (عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) (التوبة 43)
هل أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هنا ارتكب مخالفة ليستحق العتاب ؟
الجواب:
قال السيد الطباطبائي في (الميزان ج 9 - ص 285 – 288):
والآية كما ترى وتقدمت الإشارة إليه في مقام دعوى ظهور كذبهم ونفاقهم وانهم مفتضحون بأدنى امتحان يمتحنون به ومن مناسبات هذا المقام القاء العتاب إلى المخاطب وتوبيخه والانكار عليه كأنه هو الذي ستر عليهم فضائح أعمالهم وسوء سريرتهم وهو نوع من العناية الكلامية يتبين به ظهور الامر ووضوحه لا يراد أزيد من ذلك، فهو من اقسام البيان على طريق إياك أعني واسمعي يا جاره.
فالمراد بالكلام اظهار هذه الدعوى لا الكشف عن تقصير النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسوء تدبيره في احياء أمر الله وارتكابه بذلك ذنبا حاشاه، وأولوية عدم الإذن لهم معناها كون عدم الإذن انسب لظهور فضيحتهم وانهم أحق بذلك لما بهم من سوء السريرة وفساد النية لا لأنه كان أولى واحرى في نفسه وأقرب وأمس بمصلحة الدين.
والدليل على هذا الذي ذكرنا قوله تعالى بعد ثلاث آيات
(( لو خرجوا فيكم ما زادوكم الا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم.. )) إلى آخر الآيتين فقد كان الأصلح ان يؤذن لهم في التخلف ليصان الجمع من الخبال وفساد الرأي وتفرق الكلمة والمتعين ان يقعدوا فلا يفتنوا المؤمنين بالقاء الخلاف بينهم والتفتين فيهم وفيهم ضعفاء الايمان ومرضى القلوب وهم سماعون لهم يسرعون إلى المطاوعة لهم ولو لم يؤذن لهم فاظهروا الخلاف كانت الفتنة أشد والتفرق في كلمه الجماعة أوضح وأبين.
ويؤكد ذلك قوله تعالى بعد آيتين (( ولو أرادوا الخروج لاعدوا له عده ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين )) فقد كان تخلفهم ونفاقهم ظاهرا لائحا من عدم اعدادهم العدة يتوسمه في وجوههم كل ذي لب ولا يخفى مثل ذلك على مثل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد نبأه الله باخبارهم قبل نزول هذه السورة كراراً فكيف يصح ان يعاتب ههنا عتابا جدياً بأنه لم لم يكف عن الاذن ولم يستعلم حالهم حتى يتبين له نفاقهم ويميز المنافقين من المؤمنين فليس المراد بالعتاب الا ما ذكرناه.
ومما تقدم يظهر فساد قول من قال إن الآية تدل على صدور الذنب عنه (ص) لان العفو لا يتحقق من غير ذنب وان الاذن كان قبيحا منه (ص) ومن صغائر الذنوب لأنه لا يقال في المباح لم فعلته انتهى. وهذا من لعبهم بكلام الله سبحانه ولو اعترض معترض على ما يهجون به في مثل المقام الذي سيقت الآية فيه لم يرضوا بذلك وقد أوضحنا ان الآية مسوقة لغرض غير غرض الجد في العتاب. على أن قولهم ان المباح لا يقال فيه لم فعلت فاسد فان من الجائز إذا شوهد من رجح غير الأولى على الأولى ان يقال له لم فعلت ذلك ورجحته على ما هو أولى منه على انك قد عرفت ان الآية غير مسوقه لعتاب جدي. ونظيره ما ذكره بعض آخر حيث قال إن بعض المفسرين ولا سيما الزمخشري قد أساؤوا الأدب في التعبير عن عفو الله تعالى عن رسوله (ص) في هذه الآية وكان يجب ان يتعلموا أعلى الأدب معه (ص) إذ اخبره ربه ومؤدبه بالعفو قبل الذنب وهو منتهى التكريم واللطف. وبالغ آخرون كالرازي في الطرف الآخر فأرادوا ان يثبتوا ان العفو لا يدل على الذنب وغايته ان الاذن الذي عاتبه الله عليه هو خلاف الأولى. وهو جمود مع الاصطلاحات المحدثة والعرف الخاص في معنى الذنب وهو المعصية وما كان ينبغي لهم ان يهربوا من اثبات ما أثبته الله في كتابه تمسكا باصطلاحاتهم وعرفهم المخالف له والمدلول اللغة أيضا. فالذنب في اللغة كل عمل يستتبع ضررا أو فوت منفعه أو مصلحه، مأخوذ من ذنب الدابة وليس مرادفا للمعصية بل أعم منها والاذن المعفو عنه قد استتبع فوت المصلحة المنصوصة في الآية وهى تبين الذين صدقوا والعلم بالكاذبين وقد قال تعالى: (( انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر... )) (الفتح:2).
ثم ذكر في كلام له طويل ان ذلك كان اجتهادا منه ص فيما لا وحى فيه من الله وهو جائز وواقع من الأنبياء ع وليسوا بمعصومين من الخطاء فيه وانما العصمة المتفق عليها خاصه بتبليغ الوحي ببيانه والعمل به فيستحيل على الرسول ان يكذب أو يخطئ فيما يبلغه عن ربه أو يخالفه بالعمل.
ومنه ما تقدم في سوره الأنفال من عتابه تعالى لرسوله (ص) في اخذ الفدية من أسارى بدر حيث قال: (( ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة )) (الأنفال:67).
ثم بين انه كان مقتضيا لنزول عذاب اليم لولا كتاب من الله سبق فكان مانعا انتهى كلامه بنوع من التلخيص. وليث شعري ما الذي زاد في كلامه على ما تفصى به الرازي وغيره حيث ذكروا ان ذلك من ترك الأولى ولا يسمونه ذنبا في عرف المتشرعين وهو الذي يستتبع عقابا وذكر هو انه من ترك الأصلح وسماه ذنبا لغة. على انك قد عرفت فيما تقدم انه لم يكن ذنبا لا عرفا ولا لغة بدلاله ناصة من الآيات على أن عدم خروجهم كان هو الأصلح لحال جيش المسلمين لتخلصهم بذلك عن غائلة وقوع الفتنة واختلاف الكلمة وكانت هذه العلة بعينها موجوده لو لم يأذن لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وظهر منهم ما كانوا أبطنوه من الكفر والخلاف وان الذي ذكره الله بقوله ولو أرادوا الخروج لاعدوا له عده ان عدم اعدادهم العدة كان يدل على عدم ارادتهم الخروج كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اجل من أن يخفى عليه ذلك وهم بمرئى منه ومسمع.
مضافا إلى أنه (ص) كان يعرفهم في لحن القول كما قال تعالى: (( ولتعرفنهم في لحن القول )) (محمد:30) وكيف يخفى على من سمع من أحدهم مثل قوله ائذن لي ولا تفتني أو يقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو اذن أو يلمزه في الصدقات ولا ينصح له صلى الله عليه وآله وسلم ان ذلك من طلائع النفاق يطلع منهم وما وراءه الا كفر وخلاف.
فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتوسم منهم النفاق والخلاف ويعلم بما في نفوسهم ومع ذلك فعتابه (ص) بأنه لم لم يكف عن الاذن ولم يستعلم حالهم ولم يميزهم من غيرهم ليس الا عتابا غير جدي للغرض الذي ذكرناه.
واما قوله ان الاذن المعفو عنه قد استتبع فوت المصلحة المنصوصة في الآية وهى تبين الذين صدقوا والعلم بالكاذبين ففيه ان الذي تشتمل عليه الآية من المصلحة هو تبين الذين صدقوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلمه هو بالكاذبين لا مطلق تبينهم ولا مطلق العلم بالكاذبين وقد ظهر مما تقدم انه ص لم يكن يخفى عليه ذلك وان حقيقة المصلحة انما كانت في الاذن وهى سد باب الفتنة و اختلاف الكلمة فإنه ص كان يعلم من حالهم انهم غير خارجين البتة سواء اذن لهم في القعود أم لم يأذن فبادر إلى الاذن حفظا على ظاهر الطاعة ووحده الكلمة.
وليس لك ان تتصور انه لو بان نفاقهم يومئذ وظهر خلافهم بعدم اذن النبي لهم بالقعود لتخلص الناس من تفتينهم والقائهم الخلاف لما في الاسلام يومئذ وهو يوم خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى غزوه تبوك من الشوكة والقوة وله (ص) من نفوذ الكلمة.
فان الاسلام يومئذ انما كان يملك القوة والمهابة في أعين الناس من غير المسلمين كانوا يرتاعون شوكته ويعظمون سواد أهله ويخافون حد سيوفهم واما المسلمون في داخل مجتمعهم وبين أنفسهم فلم يخلصوا بعد من النفاق ومرض القلوب ولم يستول عليهم بعد وحدة الكلمة وجد الهمة و العزيمة والدليل على ذلك نفس هذه الآيات وما يتلوها إلى آخر السورة تقريبا.
وقد كانوا تظاهروا بمثل ذلك يوم أحد وقد هجم عليهم العدو في عقر دارهم فرجع ثلث الجيش الاسلامي من المعركة ولم يؤثر فيهم عظه. ولا الحاح حتى قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم فكان ذلك أحد الأسباب العاملة في انهزام المسلمين.
ودمتم في رعاية الله
http://www.aqaed.com/faq/3744/
قال تعالى: (عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) (التوبة 43)
هل أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هنا ارتكب مخالفة ليستحق العتاب ؟
الجواب:
قال السيد الطباطبائي في (الميزان ج 9 - ص 285 – 288):
والآية كما ترى وتقدمت الإشارة إليه في مقام دعوى ظهور كذبهم ونفاقهم وانهم مفتضحون بأدنى امتحان يمتحنون به ومن مناسبات هذا المقام القاء العتاب إلى المخاطب وتوبيخه والانكار عليه كأنه هو الذي ستر عليهم فضائح أعمالهم وسوء سريرتهم وهو نوع من العناية الكلامية يتبين به ظهور الامر ووضوحه لا يراد أزيد من ذلك، فهو من اقسام البيان على طريق إياك أعني واسمعي يا جاره.
فالمراد بالكلام اظهار هذه الدعوى لا الكشف عن تقصير النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسوء تدبيره في احياء أمر الله وارتكابه بذلك ذنبا حاشاه، وأولوية عدم الإذن لهم معناها كون عدم الإذن انسب لظهور فضيحتهم وانهم أحق بذلك لما بهم من سوء السريرة وفساد النية لا لأنه كان أولى واحرى في نفسه وأقرب وأمس بمصلحة الدين.
والدليل على هذا الذي ذكرنا قوله تعالى بعد ثلاث آيات
(( لو خرجوا فيكم ما زادوكم الا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم.. )) إلى آخر الآيتين فقد كان الأصلح ان يؤذن لهم في التخلف ليصان الجمع من الخبال وفساد الرأي وتفرق الكلمة والمتعين ان يقعدوا فلا يفتنوا المؤمنين بالقاء الخلاف بينهم والتفتين فيهم وفيهم ضعفاء الايمان ومرضى القلوب وهم سماعون لهم يسرعون إلى المطاوعة لهم ولو لم يؤذن لهم فاظهروا الخلاف كانت الفتنة أشد والتفرق في كلمه الجماعة أوضح وأبين.
ويؤكد ذلك قوله تعالى بعد آيتين (( ولو أرادوا الخروج لاعدوا له عده ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين )) فقد كان تخلفهم ونفاقهم ظاهرا لائحا من عدم اعدادهم العدة يتوسمه في وجوههم كل ذي لب ولا يخفى مثل ذلك على مثل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد نبأه الله باخبارهم قبل نزول هذه السورة كراراً فكيف يصح ان يعاتب ههنا عتابا جدياً بأنه لم لم يكف عن الاذن ولم يستعلم حالهم حتى يتبين له نفاقهم ويميز المنافقين من المؤمنين فليس المراد بالعتاب الا ما ذكرناه.
ومما تقدم يظهر فساد قول من قال إن الآية تدل على صدور الذنب عنه (ص) لان العفو لا يتحقق من غير ذنب وان الاذن كان قبيحا منه (ص) ومن صغائر الذنوب لأنه لا يقال في المباح لم فعلته انتهى. وهذا من لعبهم بكلام الله سبحانه ولو اعترض معترض على ما يهجون به في مثل المقام الذي سيقت الآية فيه لم يرضوا بذلك وقد أوضحنا ان الآية مسوقة لغرض غير غرض الجد في العتاب. على أن قولهم ان المباح لا يقال فيه لم فعلت فاسد فان من الجائز إذا شوهد من رجح غير الأولى على الأولى ان يقال له لم فعلت ذلك ورجحته على ما هو أولى منه على انك قد عرفت ان الآية غير مسوقه لعتاب جدي. ونظيره ما ذكره بعض آخر حيث قال إن بعض المفسرين ولا سيما الزمخشري قد أساؤوا الأدب في التعبير عن عفو الله تعالى عن رسوله (ص) في هذه الآية وكان يجب ان يتعلموا أعلى الأدب معه (ص) إذ اخبره ربه ومؤدبه بالعفو قبل الذنب وهو منتهى التكريم واللطف. وبالغ آخرون كالرازي في الطرف الآخر فأرادوا ان يثبتوا ان العفو لا يدل على الذنب وغايته ان الاذن الذي عاتبه الله عليه هو خلاف الأولى. وهو جمود مع الاصطلاحات المحدثة والعرف الخاص في معنى الذنب وهو المعصية وما كان ينبغي لهم ان يهربوا من اثبات ما أثبته الله في كتابه تمسكا باصطلاحاتهم وعرفهم المخالف له والمدلول اللغة أيضا. فالذنب في اللغة كل عمل يستتبع ضررا أو فوت منفعه أو مصلحه، مأخوذ من ذنب الدابة وليس مرادفا للمعصية بل أعم منها والاذن المعفو عنه قد استتبع فوت المصلحة المنصوصة في الآية وهى تبين الذين صدقوا والعلم بالكاذبين وقد قال تعالى: (( انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر... )) (الفتح:2).
ثم ذكر في كلام له طويل ان ذلك كان اجتهادا منه ص فيما لا وحى فيه من الله وهو جائز وواقع من الأنبياء ع وليسوا بمعصومين من الخطاء فيه وانما العصمة المتفق عليها خاصه بتبليغ الوحي ببيانه والعمل به فيستحيل على الرسول ان يكذب أو يخطئ فيما يبلغه عن ربه أو يخالفه بالعمل.
ومنه ما تقدم في سوره الأنفال من عتابه تعالى لرسوله (ص) في اخذ الفدية من أسارى بدر حيث قال: (( ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة )) (الأنفال:67).
ثم بين انه كان مقتضيا لنزول عذاب اليم لولا كتاب من الله سبق فكان مانعا انتهى كلامه بنوع من التلخيص. وليث شعري ما الذي زاد في كلامه على ما تفصى به الرازي وغيره حيث ذكروا ان ذلك من ترك الأولى ولا يسمونه ذنبا في عرف المتشرعين وهو الذي يستتبع عقابا وذكر هو انه من ترك الأصلح وسماه ذنبا لغة. على انك قد عرفت فيما تقدم انه لم يكن ذنبا لا عرفا ولا لغة بدلاله ناصة من الآيات على أن عدم خروجهم كان هو الأصلح لحال جيش المسلمين لتخلصهم بذلك عن غائلة وقوع الفتنة واختلاف الكلمة وكانت هذه العلة بعينها موجوده لو لم يأذن لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وظهر منهم ما كانوا أبطنوه من الكفر والخلاف وان الذي ذكره الله بقوله ولو أرادوا الخروج لاعدوا له عده ان عدم اعدادهم العدة كان يدل على عدم ارادتهم الخروج كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اجل من أن يخفى عليه ذلك وهم بمرئى منه ومسمع.
مضافا إلى أنه (ص) كان يعرفهم في لحن القول كما قال تعالى: (( ولتعرفنهم في لحن القول )) (محمد:30) وكيف يخفى على من سمع من أحدهم مثل قوله ائذن لي ولا تفتني أو يقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو اذن أو يلمزه في الصدقات ولا ينصح له صلى الله عليه وآله وسلم ان ذلك من طلائع النفاق يطلع منهم وما وراءه الا كفر وخلاف.
فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتوسم منهم النفاق والخلاف ويعلم بما في نفوسهم ومع ذلك فعتابه (ص) بأنه لم لم يكف عن الاذن ولم يستعلم حالهم ولم يميزهم من غيرهم ليس الا عتابا غير جدي للغرض الذي ذكرناه.
واما قوله ان الاذن المعفو عنه قد استتبع فوت المصلحة المنصوصة في الآية وهى تبين الذين صدقوا والعلم بالكاذبين ففيه ان الذي تشتمل عليه الآية من المصلحة هو تبين الذين صدقوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلمه هو بالكاذبين لا مطلق تبينهم ولا مطلق العلم بالكاذبين وقد ظهر مما تقدم انه ص لم يكن يخفى عليه ذلك وان حقيقة المصلحة انما كانت في الاذن وهى سد باب الفتنة و اختلاف الكلمة فإنه ص كان يعلم من حالهم انهم غير خارجين البتة سواء اذن لهم في القعود أم لم يأذن فبادر إلى الاذن حفظا على ظاهر الطاعة ووحده الكلمة.
وليس لك ان تتصور انه لو بان نفاقهم يومئذ وظهر خلافهم بعدم اذن النبي لهم بالقعود لتخلص الناس من تفتينهم والقائهم الخلاف لما في الاسلام يومئذ وهو يوم خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى غزوه تبوك من الشوكة والقوة وله (ص) من نفوذ الكلمة.
فان الاسلام يومئذ انما كان يملك القوة والمهابة في أعين الناس من غير المسلمين كانوا يرتاعون شوكته ويعظمون سواد أهله ويخافون حد سيوفهم واما المسلمون في داخل مجتمعهم وبين أنفسهم فلم يخلصوا بعد من النفاق ومرض القلوب ولم يستول عليهم بعد وحدة الكلمة وجد الهمة و العزيمة والدليل على ذلك نفس هذه الآيات وما يتلوها إلى آخر السورة تقريبا.
وقد كانوا تظاهروا بمثل ذلك يوم أحد وقد هجم عليهم العدو في عقر دارهم فرجع ثلث الجيش الاسلامي من المعركة ولم يؤثر فيهم عظه. ولا الحاح حتى قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم فكان ذلك أحد الأسباب العاملة في انهزام المسلمين.
ودمتم في رعاية الله
http://www.aqaed.com/faq/3744/
1 التعليقات:
أنعم وأكر بسماحة السيد
إرسال تعليق